العودة إلى الله
يا نفسُ هل مِن عودةٍ ومآبِ
من قبل طيِّ صحيفتي و كتابي
مالي أراكِ بظلمةٍ ومتاهةٍ
تستعذبينَ مَشَقَّتِي وعذابي
زَحَفَت جيوشُ الشَّيبِ زَحْفاً فَاعتَلَت
عَرشَ الفؤادِ تَدُكُّ صَرحَ شبابي
و الأربعونَ تُذيعُ سِرّاً ، لم أَكُن
مِن قَبلِها أدخلتهُ بحسابي
هذا الشبابُ الغضُّ راحَ زَمَانُهُ
وَ الدهرُ كشَّر غاضباً عن نابِ
و انقَضَّت الدنيا على طُلاّبِها
بزخارفٍ براقةٍ و ثيابِ
فسقتهمُ لما تَنَاسَوْا غَدرَها
كأساً من الآلامِ و الأوصابِ
كم أنشَبَت أظفارَها بِلحومِهِم
فاستسلموا كفريسةٍ لعُقابِ
و لكم هَوَت بالمُولَعينَ بسحرها
من سامقاتٍ في السما لترابِ
و لكم تمنَّاهَا أخو الدنيا، فَلَم
يظفر طِوالَ حياتِهِ بطِلابِ
أعيتهُ ركضاً خلفها و رَمَت بِهِ
ظَمِئاً ، كمن أعيتهُ خلف سرابِ
لا تدهشي يا نفسُ ، لا تتعجبي
لا تنظري لي نظرةَ استغرابِ
هذي هي الدنيا ، ألم تتعلمي ؟
أم أنتِ ممنْ سفَّهـوا أسبابي ؟
فتشدَّقوا بالقولِ أني يائسٌ